📽الأزيـاء في خدمة السينما

✍🏻لقاء مع مُصممة أزياء شارع الأعشى

الأزياء في السينما ليست مكمّلاً بصريًا فحسب، بل أداة تُستخدم لتكوين الشخصية وتعزيز السرد البصري. ما يُرتدى على الشاشة يُسهم في إقناع المشاهد وجعله يتفاعل مع القصة، ليس فقط من خلال الأداء أو الحوار، بل أيضًا من خلال التفاصيل الدقيقة التي تعكس المشاعر والسياق الزمني والاجتماعي

صورة من مسلسل شارع الأعشى، حقوق الصورة تعود لمنصة شاهد

وفي هذا السياق، أجرينا حديثًا خاصًا في منسوج مع مصممة الأزياء هيلين الخليل، التي وقفت خلف تصميم الأزياء في المسلسل السعودي «شارع الأعشى»، حيث شكّلت الأزياء أداة بصرية دقيقة لنقل التحولات النفسية والاجتماعية التي مر بها المجتمع السعودي خلال فترة ما قبل الصحوة وبعده

:تقول هيلين

هذا المسلسل كان مختلفًا لأنه يركّز على فترة زمنية مليئة بالتحوّلات. كان لدي رغبة حقيقية في إيصال هذه التحوّلات من خلال الأزياء، لأني مؤمنة بدورها الأساسي في بناء الشخصية وصناعة الجو العام للمشهد

هيلين الخليل 

حقوق الصورة تعود لمنصة شاهد

في الحلقات الأولى من المسلسل، ظهرت التصاميم بألوان زاهية وخطوط أنثوية حرة، لتعكس الانفتاح النسبي في نمط الحياة آنذاك. ومع تصاعد الأحداث، بدأت هذه العناصر تتغيّر تدريجيًا. الألوان أصبحت أكثر كتمًا، والخامات اتخذت طابعًا ثقيلاً وهو ما عبّر بصريًا عن تقلص مساحة الحرية وتزايد القيود المجتمعية

:تُشير هيلين إلى أن التغيير لم يكن شكليًا فقط، بل امتد إلى عمق الشخصية

بعض الشخصيات تغيّر أسلوبها في اللباس تدريجيًا. هذا التغيّر كان انعكاسًا لحالة داخليةوضغط اجتماعي. كنت أتابع تطوّر الشخصية وأترجمه بصريًا في كل مرحلة

هيلين الخليل

لنعود قليلاً للوراء تحضير هيلين للأزياء جاء مبنيًا على بحث دقيق في الصور الأرشيفية، والمراجع التاريخية والاجتماعية، وحتى الألبومات الخاصة. كل تفصيلة، من خامة القماش إلى ترتيب الأزرار، كانت محسوبة ومدروسة، بهدف تقديم صورة حقيقية تنتمي للحقبة الزمنية التي تدور فيها الأحداث

صورة من معرض ألوان سرمدية في الرياض

مثل شارع الأعشى، ظهر استخدام الألوان كأداة درامية بشكل لافت أيضًا في الدراما المصرية، وتحديدًا في الحلقة الأخيرة من مسلسل لام شمسية. في مشهد المحاكمة، خدمت الأزياء الحبكة أكثر مما فعلت الحوارات. الشخصيات التي كانت على حق ارتدت جاكيتًا أسود وبلوزة بيضاء، كما لو كانت موسومة أمام الناس، متّهمة حتى تثبت براءتها

أما الشخصيات التي لعبت دور المُضلِّل، فارتدت الجاكيت الأبيض والبلوزة السوداء، مظهرًا يوحي بالنقاء، لكن دواخلها كانت ملوّثة. هذا الاستخدام المدروس للألوان قدّم رسالة بصرية اختصرت الصراع الأخلاقي دون شرح مباشر

وهذه التجارب ليست الوحيدة، بالعودة إلى السياق العالمي، نرى كيف كانت العلاقة بين السينما والموضة دائمًا علاقة تأثير متبادل. بعد الحرب العالمية الثانية، تصدّرت هوليوود صناعة السينما، فيما أعادت باريس بناء هويتها الثقافية عبر الأزياء

ركّزت دور الأزياء الفرنسية على تصميم أزياء نجمات الشاشة الأمريكية، ما مهّد الطريق لعلامات مثل شانيل وديور كي تدخل الوعي العالمي وتصبح رموزًا للأناقة. لاحقًا، أدركت الولايات المتحدة قوة هذه الصناعة، فدعمت مصممين أمريكيين مثل رالف لورين وكالفن كلاين، لتظهر هوية بصرية أمريكية مميزة تُعرض على الشاشة وتُستهلك في الواقع

شهدنا التأثير نفسه في أعمال مثل مسلسل حريم السلطان، الذي تجاوزت فيه الأزياء دور الزينة، لتخدم الحبكة التاريخية وتُبرز التراتب الطبقي والشخصي داخل القصر. تحولت الأزياء في المسلسل إلى ظاهرة ثقافية، ألهمت أسواق الموضة، وأما يُعرض على الشاشة لا يبقى حبيسها، بل يخرج منها إلى الشارع، إلى المتاجر، إلى خزائن الناس وذوقهم اليومي. أعادت إحياء تصاميم تقليدية باتت تظهر في المناسبات الاجتماعية. ولهذا لا يمكن النظر إلى الأزياء في السينما والتلفزيون باعتبارها مجرد تفصيل ثانوي. حين تُوظف بوعي بصري وثقافي، تصبح الأزياء وسيلة لتعميق السرد، وترسيخ الهوية، وفتح آفاق اقتصادية وثقافية جديدة

صورة من مسلسل حريم السلطان

وتُسجَّل للمملكة اليوم خطوات جادة في هذا الاتجاه، من أبرزها مبادرة «العلا تبتكر» التي عيّنت المصمم والمدير الإبداعي العالمي نيكولا فورميتشيتي كمستشار للأزياء في برنامج تدريبي مخصص لتأهيل مصممات سعوديات للعمل في مجال الأزياء السينمائية. وقد شاركت في هذه التجربة المهمة كل من المصممتين علياء وعبير عريف والمصممة أروى العماري، كما نظّمت هيئة الأفلام عددًا من الدورات والبرامج المتخصصة في تصميم الأزياء السينمائية، بهدف تأهيل الكوادر السعودية وتمكينها من إتقان هذا المجال الحيوي الذي يجمع بين الإبداع البصري والفهم الدرامي

هذه الجهود تستحق التوسيع، وتحتاج إلى المزيد من الاستثمار والتآزر بين المصممين وصناع المحتوى، وبين التعليم الفني والإنتاج الدرامي. دعم التعليم المتخصص، وتوفير فرص تدريب مهنية مرتبطة بالسينما، هي خطوات كفيلة بوضع الأزياء السعودية في موقع متقدم عالميًا، كأداة تعبّر عن ثقافتنا، وتُسهم في بناء اقتصاد إبداعي متكامل

.هذه المقالة بدعم من مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) وصندوق التنمية الثقافي

مصطلح اليوم

الشرشف كلمة ذات أصل تركي مُعرَّب، جاءت من الفارسية جادُر شب التي تعني ستر الليل، ودخلت هذه الكلمة إلى العربية مُحتفظةً بمعناها

ويُطلق الشرشف على الملاءة التي تُبسط فوق الفراش لحمايته من الأوساخ، كما يُستخدم أيضًا للإشارة إلى المئزر الذي ترتديه النساء، أما في العربية الفصحى فيقابلها المرط والمِلحفة والملاءة والدِثار

كيف كانت النشرة اليوم؟

Login or Subscribe to participate in polls.

:أخبـار تهمـك

-

-

-

-

فريق التحرير: رهف القنيبط، غادة الناصر، سفر عياد، بلسم الغشام، هاجر مبارك، وجدان المالكي

منسوج، لكل ما يخُص قطاع الأزيـاء المحلي

Reply

or to participate.